هي وجهة واحدة من 12 «طريق إجر». إهمج أو حيث تأخذ معك الذكريات وتترك آثار قدميك، تفتح طرقاتها أمام المواطنين للاتّصال بالطبيعة.
هي طرقات استخدمها قديماً الأجداد والآباء، تربط إهمج ببلدات أخرى. منها: جاج، عنّايا، علمات، العاقورة، سقي رشميّا، ميفوق، دوما وغيرها، يعود إليها المواطنون اليوم ليكتشفوها سيراً على الأقدام. 12 طريق إجر ذات مسارات خاصّة ومدروسة، تدخل ضمن مشروع «أرز إهمج» وهو مشروع أنجزته البلديّة وتديره جمعيّة إنماء إهمج.
«لكلّ طريق خريطة تحددّ مسافاتها والوقت الذي تحتاج إليه لاجتيازها ومستوى ارتفاع المنطقة ومدى صعوبة سلوكها، كما أنّ كلّ طريق تقسم الى مسارات محددة بنقاط تختلف مسافاتها عن الأخرى»، يشرح رئيس البلديّة نزيه أبي سمعان لـ«الأخبار». ويضيف «إنّ هذه الطرقات تنقسم بين القريبة والبعيدة، منها ما يسلكه المواطنون وحدهم، ومنها ما يرافقهم فيها دليل سياحيّ». يقول إبي سمعان «طبيعتنا حلوة»، مثنياً على المشروع الذي يعرّف الزائرين على طبيعة إهمج والبلدات المجاورة ويتيح لهم فرصة السير مع أشجار الأرز واللزاب والسنديان وغيرها.
استقطب المشروع العديد من السائحين والزائرين، يفتح أبوابه صيفاً وشتاء، ويتيح الى جانب المشي ممارسة رياضات مختلفة مثل: ركوب الدراجات الهوائيّة، تسلّق الجبال، كرة الطائرة، كرة السلّة، Tyrolienne وغيرها، كما يضمّ نزلاً ومجموعة من الكارافانات تستقبل المواطنين للنوم لتكون لهم فرصة الانطلاق باكراً من أجل التعرّف على الطرقات. «نحن بحاجة الى الطبيعة» يقول أبي سمعان، مشيراً الى أنّ المشروع هو الأوّل من نوعه في المنطقة، وهو يستقطب المواطنين من مختلف المناطق اللّبنانيّة.
إنجاز المشروع بدأ منذ أربع سنوات، وتتولاه إدارة محلّية، هي جمعيّة إنماء إهمج، وهي جمعيّة ولدت في البلدة خلال الحرب واهتمّت بشؤون أبنائها في غياب البلديّة حينها.
تعمل الجمعيّة مع البلديّة منذ نشوئها يداً بيد في ميادين مختلفة إنمائيّة، بيئيّة، سياحيّة وتربوية … مشروع أرز إهمج حسب رئيس الجمعيّة مخايل جبرايل يعود بفائدة سياحيّة وبيئيّة وإنمائيّة على البلدة وجوارها. هو يعرّف بأرز إهمج وعمره أكثر من 60 عاماً، ويقرّب المواطنين من طبيعة البلدة الغنيّة بأشجار العذر، العفص، السنديان والنباتات النادرة. ويكشف جبرايل أنّ البلديّة وجمعيّة الإنماء اللتين تنظّمان سنويّاً مهرجانات إهمج تبحثان في إمكانيّة تنظيم المهرجانات العام المقبل في أرز إهمج. يبقى الأهمّ، حسب جبرايل، أنّ هذا المشروع يستقطب يوميّاً مئات المواطنين من أطفال وشباب وكبار، وخصوصاً في نهاية الأسبوع، يعيدهم الى الطبيعة ويعزز السياحة البيئيّة في المناطق الجبليّة. ويشير جبرايل الى أنّ نساء البلدة شاركن في دورات تدريبيّة على حسن الضيافة والاستقبال، إذ من المتوقّع أن يتطوّر المشروع ليكون وحدة متكاملة تشترك فيها مختلف مكوّنات البلدة.
تقول مديرة المشروع إيمان خليفة «إن نحو 15 شخصاً من البلدية يعملون حاليّاً في مشروع أرز إهمج، كما أنّ العمل جار على فتح عدد من بيوت إهمج كبيوت للضيافة، وهناك تجاوب من الكثيرين وله مردود اقتصاديّ على الأهالي ويسهم في التنمية المحليّة في المنطقة». وتشير خليفة الى أنّه يجري العمل على ربط اهمج بطريق درب الجبل اللبناني الذي يربط طرقات لبنان الجبلية، كما يجري التنسيق مع البلدات المجاورة لتفتح بدورها بيوتاً للضيافة، فيستفيد عندها الزائر من فرصة تمضية أكثر من يوم في المنطقة والسير على طرقاتها.
«لكلّ طريق خبريّاتها»، تقول خليفة، كالطريق من كنيسة مار جرجس الى جبل حفرون، وهذا الأخير كان مملكة تطلّ على منطقة المخاضة وهي منطقة زراعيّة معروفة في اهمج. كما يزور موسميّاً طلاب من المدارس هذه المنطقة الزراعية ويشاركون في قطف البطاطا والتفاح، «وهذا ما يجعلهم أقرب الى الطبيعة والعمل الزراعيّ». وتشير خليفة الى أنّ خرائط الطرقات الـ 12 طوّرت لتعزيز السياحة المسؤولة كجزء من مشروع «بلديّات» لتعزيز قدرات البلديّات من خلال تطوير الاقتصاد المحليّ الذي تنفّذه منظمة الإغاثة الدولية بتمويل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
يتفّق أهل البلدة وزائروها على أنّ مشروع أرز اهمج يشكّل متنفسّاً طبيعيّاً للمنطقة، يبرز الغنى السياحيّ والبيئيّ والتاريخي لمنطقة الميحال (في إهمج) حيث يقع المشروع وينقذ المواطنين من آثار غزوات الباطون، تماماً كما أنقذ أهالي إهمج يوماً المتعاركين من عسكر الأمير بشير ورجال الأمير يوسف في معارك تاريخيّة جرت في منطقة الميحال.
جوانّا عازار